لبنان يقف مجددًا عند مفترق طرق يعرفه جيّدًا: دولة تبحث عن هيبتها، وشعب يحاول أن يرمّم يومه بقدر ما يستطيع. وخلال يومي 7 و8 من الشهر، تعاقبت أحداث سياسية وأمنية ومدنية رسمت لوحة معقّدة، فيها شيء من القلق… وشيء من الأمل.
على المستوى السياسي، عاد الملف الأكثر حساسية إلى الواجهة: مسألة السلاح خارج الدولة. رئيس الحكومة نواف سلام شدّد على نيّة تنفيذ خطة «حصر السلاح» جنوب الليطاني قبل نهاية السنة. خطوة كبيرة على الورق، أمّا على الأرض فالمشهد أشبه بسيرٍ على حبل مشدود: توازنات دقيقة، رفضٌ من أطراف مؤثرة، وجيشٌ مثقل بالأعباء. ورغم ذلك، الخطاب الرسمي يوحي بأنّ الدولة تُحضّر لمواجهة طويلة المدى، كمن يقرر أخيرًا ترتيب البيت مهما كانت التحديات.
في المشهد المقابل، كان للبترون رأي آخر في الحياة. فعالية «Batroun Capitale de Noël» انطلقت بصخب جميل، كأنّها تقول للبلد بأسره: يمكننا أن نحتفل حتى لو احترقت الدنيا حولنا. الأضواء، الموسيقى، العائلات… كلّها بدت لحظة تنفّس جماعي لشعب ضاق ذرعًا. وربما في هذا الإصرار على الفرح قوّة سياسية بحد ذاتها، لا تقلّ أهمية عن أي بيان.
أمّا الطقس، فبقي متقلّبًا على عادة لبنان: نهار مستقر نسبيًا، وليل يحمل مفاجآته. تحذيرات خفيفة للمزارعين والبحّارة، في بلد بات يقرأ نشرات الأحوال الجوية كما يقرأ بيانات الأمن.
خارجيًا، برزت الزيارة المرتقبة لقائد الجيش جوزيف عون إلى سلطنة عُمان، خطوة تؤشّر إلى محاولة بيروت إعادة بناء شبكة علاقاتها وتعزيز حضورها الإقليمي، في لحظة تبدو المنطقة فيها على فوهة تغيّرات كبيرة.
هكذا بدا لبنان في هذه الأيام: دولة تتلمّس طريقها، ومدن تُصرّ على الفرح، وشعبٌ يعيش بين الخوف والأمل… ويواصل السير.
